ظهر مصطلح الكفاءات في الثمانينيات نتيجة للتغيرات المؤسساتية ولتغيرات أوسع طرأت على المجتمع، وفي عام 1982 صدر كتاب للأكاديمي الأميركي ريتشارد بوياتزيس Richard Boyatzis بعنوان « المدير الكفوء: نموذج للأداء الفعال». وقد كان لهذا الكتاب تأثير مهم على مجال التوظيف في حين أصبح العمل في إطار الكفاءات جزءاً معترفاً به في الممارسات الحديثة للموارد البشرية.
الكفاءات أو القدرات:
لقد ميّز المتخصصون في حقل الموارد البشرية في الثمانينيات والتسعينيات بين مصطلحي «الكفاءة Competency» و»القدرة Competence» إلاّ أنّهما اليوم يُستخدمان غالباً بشكل تبادلي. فمصطلح «الكفاءة» يعني بالضبط السلوكيات التي يجب أن يمتلكها المدرب ليستخدمها في تحقيق مستويات عالية من الأداء في العمل، بينما يرتبط مصطلح «القدرة» بالحد الأدنى من المعايير التي تظهر في الأداء والنتائج.
المبادئ الأساسية لبنية الكفاءة:
تعتبر الكفاءات دليلاً للمؤسسات حول مجالات ومستويات الأداء في العمل عن الأفراد إذ أنّها مؤشر على السلوكيات التي سيتم تقييمها وتقديرها وفي بعض المؤسسات يُكافأ الموظف عليها. ومن الممكن اعتبار الكفاءة على أنّها لغة العمل في المؤسسة وتعبّر عن النتائج المتوقعة من عمل الفرد والظروف التي جرت فيها أنشطته.
ويوضح تقرير ل»خدمة بيانات الأجورIncome Data Services « عام 2008 أنّ الكفاءات تُستخدم عادة لتعريف السلوكيات التي يقدّرها الموظف ويُعتقد بأنّها السبيل لتحقيق غاياته على المدى البعيد. وبالنتيجة فإنه يمكن تقسيم الكفاءات إلى قسمين: كفاءات تقنية وكفاءات سلوكية.
والجدير ذكره أنّه في تصميم نظام الكفاءات لا بدّ من الالتفات إلى استخدام عناصر قياسية فقط كما أنّه من الضروري تحديد عدد الكفاءات ومستوى صعوبتها على أن لا يتخطى عددها ال12 لكل وظيفة (ومن الأفضل أن تكون أقل من ذلك) ومن ثم ترتيبها في مجموعات لتسهيل العمل على المستخدمين. هذا ويتوجب تضمين النظام تعريفات و\أو أمثلة عن كل واحدة من الكفاءات .
أما السمة الهامة لكل الأنظمة فهي نوع التفاصيل الواردة فيها فإذا كان النظام عاماً (أي أنّه يتضمن فقط بيانات عامة عن التواصل أو العمل الجماعي…الخ) فهو عندئذٍ لن يوفر دليلاً كافياً للمدرّبين حول ما يُتوقع أن يقوموا به ولا للمدراء الذين سيقيّمون موظفيهم على أساس هذا النظام. وفي المقابل إذا كان النطام تفصيلياً عندها تصبح العملية بأكملها بيروقراطية جداً وتضيّع الوقت وقد تفقد صدقيّتها أيضاً.
ووفقاً لدراسة أجراها «المعهد المجاز للتنمية والموارد البشرية The Chartered Institute of Personnel and Development» عام 2007 حول التعلّم والتنمية فإنّ بعض العناوين التي تتناولها أنظمة الكفاءة هي من حيث التكرار والأكثر إنتشاراَ بالترتيب التالي:
• مهارات التواصل
• إدارة شؤون العاملين
• إدارة فريق
• خدمة الزبائن
• توجيه النتائج
• حل المشاكل
تطوير نظام الكفاءات:
هناك العديد من الطرق لتطوير أنظمة الكفاءات كما وتتوفر على المواقع الإلكترونية قوائم بالكفاءات من مصادر مختلفة. أضف إلى ذلك أنّ الكثير من المؤسسات تطوّر أنظمة الكفاءات الخاصة بها من خلال برنامج بحث داخلي وأحياناً تستعين باستشارات خارجية. أما طرق تطوير تلك الأنظمة فتتراوح بين استخدام ما هو جاهز منها في السوق وبين العمل على تأسيس الأنظمة بكاملها من البداية. وفي هذا المجال يكمن الحل الأفضل في اتباع اأسلوب وسطي يتمثّل بتأسيس النظام داخلياً على أن يرتبط بعمل المؤسسة وأن يتبنى النماذج القائمة والمستخدمة بشكل واسع والتي أثبتت نجاحها في هذه الخصوص.
وبالعودة إلى دراسة عام 2007 حول التعلّم والتنمية فإنّ الأكثرية الساحقة من الأنظمة (85%) تم تصميمها ضمن المؤسسات أو داخلياً مع الاستعانة بمستشارين من خارج المؤسسة في حين أنّ نسبة قليلة جداً (8%) من الأنظمة هي موجودة أصلاً وأنتجتها شركات أخرى (على سبيل المثال شركات تجارية أو مؤسسات حكومية).
وفي أحد مقالات مجلة (إدارة الأفراد People Management) في حزيران من العام 2007 كتب ستيف ويديت Steve Widdett وسارة هوليفورد Sarah Hollyforde التالي:
تقوم الكثير من المؤسسات بتطوير نظام الكفاءة \السلوك من أجل زيادة فعالية الأداء والتنمية إلاّ أنّ العديد من المدراء والأفراد يصعب عليهم العمل بهذا الأسلوب لتحقيق أهدافهم وبالتالي أهداف المؤسسة. ويعود ذلك إلى عدة أسباب أبرزها أنّ الناس لا يدركون فوائد هذه الأنظمة وهم غير مدرّبين بشكل كافٍ كما أنّه ليس هناك أي روابط واضحة بين العمل والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها بالإضافة إلى أنّ العديد من الأنظمة غير ملائمة نظراً لأنّها مزيج من مفاهيم مختلفة.
وقد اقترح الباحثان أيضاً الخطوات التالية لتحديد ما إذا كان نظام الكفاءة ملائماً للأهداف المرجوّة أم لا وهي:
1) يؤدي إلى بلوغ الهدف:
بداية يجب التأكد من فهم المدرب للهدف المراد تحقيقه أما إذا لم يدرك المدربون ارتباط سلوكيات الفرد بالنجاح الشخصي والمؤسساتي فعندئذٍ تتضح ضرورة تحديث أو تطوير جزء ما من النظام.
2) تحديد المواضيع الرئيسية:
حتى ولو كان الهدف من النظام واضحاً بالنسبة للموظفين إلاّ أنّه يبقى من الضروري أن يدعم تطلعات المؤسسة (كالأهداف والقيم والخطط التجارية وغيرها….). وفي حال لم يعمل كل الأفراد وفقاً لهذه التطلعات فسيؤدي ذلك إلى انحراف جهود بعضهم عن توجهات المؤسسة.
3) اختيار الظروف المناسبة:
يجب أن تدعم الإجراءات المؤسساتية نظام الكفاءات وسياسات المؤسسة بالإضافة إلى دعم أنظمة التمويل والإدارة. ولا بدّ من أن يكون المرء واقعياً فإذا كانت الظروف معرقلة للسلوكيات عندها يجب تغيير إما السلوك أو الظروف.
4) معالجة جذور المشكلة:
يتأثر السلوك –تماماً كالأهداف والظروف- بالخصائص الأساسية (المعرفة والمهارات والمواقف) فإذا كانت إحدى الخصائص في طور التطور كمهارات التواصل مثلاً عندها قد يتأثر بذلك العديد من السلوكيات المختلفة. أما إذا لم يلتفت المدراء إلى هذه المفارقة فسيركزون على تحسين السلوك دون معالجة السبب الرئيسي للمشكلة.
5) المحافظة على البساطة:
يجب الأخذ بعين الاعتبار اثنين من العناصر التي تسهل استخدام نظام الكفاءة وهما: اللغة والشكل. وفي المقابل إذا كان النظام مثالياً ولكن معقّداً أو طويلاً أو ذو تفاصيل كثيرة عندها لن يعتمده أحد كما أنّه من المفروض أن تكون لغته مفهومة لمستخدميه.
6) إجراء التدريب وعدم لَوم الآخرين:
عند الانتهاء من تنظيم بنية نظام الكفاءة يجب التأكد من تدريب الجميع على استخدامه فهذا النظام هو كغيره من الأجهزة إذا لم يتدرّب عليه مستخدموه فسيؤدي ذلك إلى الفشل في استخدامه والاستفادة منه.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة مراعاة القوانين عند إعداد نظام الكفاءة من أجل ضمان عدم تسبُّب أي من الكفاءات في التمييز ضد أحد من المدربين
الإعتمادات المحلية