تعتبر الوظيفة الركيزة الأساسية في إدارة الموارد البشرية الحديثة، فليس هناك ممارسة تقريبا من ممارسات إدارة المورد البشريةإلا وكانت الوظيفة طرفاً فيها، كما أن التخطيط الفعال للموارد البشرية يقوم على وضع الشخص المناسب في المكان والوظيفة المناسبة لتحقيق أهداف المنظمة. ويعتبر المسار الوظيفي من المواضيع الإدارية الحديثة التي طرقها الباحثون، وتشير أدبيات الإدارة إلى أن الدراسات في هذا الموضوع نادرة، فلم يحظ بالاهتمام الكافي إلا متأخراً، مقارنة مع باقي المواضيع الإدارية والسلوكية والتي أصبحت متخصصة وذات فروع أيضاً. وتبين الأبحاثان خطة تنمية المسار الوظيفي التي هي عنصراً هاما في إدارة الحياة الوظيفية للفرد تركز على تحقيق التوافق والتطابق بين الإفراد من جهة وبين الوظائف والنمو الوظيفي من جهة الأخرى، وما يطرأ على هذا العالم بأجمعه من تغييرات وثورات معرفية وتكنولوجية. من هنا ننطلق بالأسئلة التالية:
أولا: ما هو مفهوم المسار الوظيفي؟ ثانيًا: هل تخطيط المسار الوظيفي عملية ذات أهمية؟ ثالثا: ما هي الأسباب التي تدعو المنظمة للاهتمام بالمسار الوظيفي للموظف؟ رابعا: تخطيط المسار الوظيفي على مستوى المنظمة؟ خامسا: تخطيط المسار الوظيفي على المستوى الفردي؟
أولا: مفهوم المسار الوظيفي. يمكنالنظر إلى مفهوم المسار الوظيفي من عدة زوايا، فقد ينظر إليه على أنه مجموعة الوظائف المتتالية التي يشغلها الفرد على امتداد عمره الوظيفي، والتي تتأثر باتجاهاته وطموحاته وآماله ومشاعره، وقد ينظر إلى المسار المهني من منظور الحركة داخل التنظيم، كما قد ينظر إلى المسار المهني أو الوظيفي باعتباره سمة مميزة للموظف، حيث يتكون مسار كل موظف من عدة وظائف ومراكز إدارية وخبرات متنوعة.
ثانيًا: ما هي أهمية تخطيط المسار الوظيفي:
الأفراد يهدفون إلى النمو في العمل والمنظمات تسعى إلى تحقيق الإنتاجية والربح، وتخطيط المسار الوظيفي بما يحققه من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يساعد على تحقيق الهدفين معًا.
إن عدم الاهتمام بتدريب العاملين، أو نقلهم، أو حتى الاستغناء عنهم، يعني بقاء بعض العاملين في أماكنهم، حتى تتقادم مهاراتهم، وتقلل دافعيتهم للعمل، ووجود أنشطة تخطيط وتنمية المسار الوظيفي يعني تنشيط مهارات العاملين، وتجديدها، والإبقاء على ما يمكن الاستفادة منها من مهارات وقدرات.
تقليل تكلفة العمالة، المزايا السابقة تجعل ما ينفق على أنشطة تخطيط وتنمية المسار الوظيفي ذات عائد يفوق التكلفة، ففي منظمات ناجحة يمكن أن يكون الإنفاق على تخطيط وتنمية المسار الوظيفي كبيرًا، لكن إنتاجية العمالة والأرباح تفوق بمراحل هذا الإنفاق.
تحسين سمعة المنظمة، إذا أدرك العاملون ان منظماتهم تعتني بمستقبلهم الوظيفي، فإنهم سوف يكونون أداة جيدة للترويج عن المنظمة في كافة المجتمعات والأماكن التي قد يتواجدون فيها، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تحسين صورة المنظمة والتعبير عنها كمجال جذاب للعمل.
ثالثا: الأسباب التي تدعو المنظمة للاهتمام بالمسار الوظيفي للموظف:
إن المستوى التعليمي العام للموارد البشرية قد ازداد تطورا في الوقت الراهن... وان هذا التطور يعني في المقابل ازدياد طموحات الأفراد في مستقبل وظيفي أفضل وناجح.
إن المنظمات التي تسعى للاهتمام بالتطوير الوظيفي للعاملين بها وتخطط لهذا التطوير ستكون بلا شك أكبر جاذبية من تلك المنظمات التي لا تعطي أهمية لهذا الأمر وستكون أكثر احتفاظا بالعناصر البشرية الموهوبة والطموحة.
المنظمات التي تخطط لموظفيها مستقبلهم الوظيفي أو تشارك فيه لا توضح فقط لموظفيها توقعاتها من الأداء المطلوب منهم بل وتحدد لهم معالم الطريق والخيارات والفرص المتاحة لهم مستقبلا.
إن تخطيط التطوير الوظيفي يساعد الموظفين أنفسهم على تنمية مهاراتهم وقدراتهم من اجل تحسين أدائهم وإنتاجيتهم ويسد الفجوة بين قدرات الفرد ومتطلبات الوظيفة.
تساعد برامج تخطيط التنمية الوظيفية في التعرف على الأفراد المؤهلين لتولي المناصب القيادية والمهنية الرفيعة ومن ثم توجههم إلى برامج التدريب والتنمية التي تمكنهم من الوصول إلى هذه المناصب.
إن الإدارة الجيدة والاهتمام المتنامي من قبل الإدارة بالتنمية الوظيفية وإتاحة الفرص للتقدم ستقود إلى قوة بشرية سعيدة ومنتجة وكلما أدرك الموظفون مدى الارتباط بين كفاءتهم وقدراتهم وبين الفرص المتاحة أمامهم للتقدم كلما زاد ولاءهم وإخلاصهم للمنظمة.
إن إتاحة الفرص للموظفين ومساعدتهم على التنمية الوظيفية وفتح مجالات التطور التي ترفع من كفاءتهم وتحسين فرصهم الوظيفية سينعكس على سمعة المنظمة وسيزيد جاذبيتها في استقطاب الكفاءات من الخارج.
رابعا: تخطيط المسار الوظيفي على مستوى المنظمة:
تستطيع أي منظمة تود تخطيط المسار الوظيفي لموظفيها ووظائفها، أن تستخدم العديد من الوسائل، ويمكن ذلك من خلال: أولاً: جلسات الارشاد والتوجيه: تعقد داخل المنظمة بين الموظفين ورؤسائهم، وأعضاء من إدارة الأفراد أو الاستعانة بمستشارين من الخارج. هدفها اكتشاف المواهب والطموحات عند الأفراد ويتم ذلك وفق خطوات:
الخطوة الثانية: المقارنة: للمعلومات وتقويمها للوصول إلى اتفاق مشترك حول الخيارات المتاحة.
الخطوة الثالثة: التخطيط للتطوير الوظيفي: حيث يضع الموجه مع الموظف خطة العمل لتطوير الموظف، وجدول زمني تقريبي للوصول للهدف.
الخطوة الرابعة: التنفيذ: عن طريق الالتحاق بالبرامج التدريبية، والتدوير الوظيفي، إضافة مسئوليات جديدة.
الخطوة الخامسة: المتابعة والتسجيل: من خلال الرئيس المباشر وعقد اجتماعات دورية مع الموظف لإزالة العقبات أو تعديل المسار إذا لزم الأمر. مع أهمية وضع هذه المعلومات في ملفه أو " مخزون المهارات".
ثانياً: الاهتمام بنتائج الاعلانات الداخلية عن الوظائف: وهدف ذلك اكتشاف الموظفين المحتملين لتولي المناصب، والمهتمين بذلك، ويتم ذلك من خلال "لوحة الإعلانات" داخل المنظمة، أو إدارة الموارد البشرية، أو النشرات الدورية الصادرة من إدارة الموارد البشرية.
ثالثاً: استخدام نظام الاختبارات لاكتشاف المواهب: نظام الاختبارات مع إجراء المقابلات الشخصية يمكن ان يسهم في اكتشاف المواهب.
التدوير: ويعنى هذا تعريض الموظف الجديد لخبرات وظيفية متعددة، وذلك بنقله مؤقتًا من وظيفة إلى أخرى.
تلزيمه مهام فيها تحدي: ويقصد بذلك منح الموظف وظيفة ذات معنى، وبها قدر من السلطة والمسئولية والحرية، وذات بداية ونهاية محددة، بهدف تشجيعه من جهة، وإختبار حماسته وقدراته ومنهجيته في العمل من جهة أخرى.
الترقية: حيث تلعب الترقية كوسيلة لتخطيط وتنمية المسار الوظيفي، دورًا مهمًا لكل من الفرد والمنظمة، فالفرد يحقق رغبته في النمو، وتحقق المنظمة رغبتها في تحقيق التوافق بين الفرد والوظيفة، وتحصل على أداء ورضا عال.
خرائط المسار (أو السلم) الوظيفي: وهي خرائط تحدد التسلسل في حركة الوظيفة، وذلك من خلال التنقلات والترقيات، وقد تتم باستخدام خرائط التنظيم، وقد تبدأ من وظيفة معينة، وتنتهي عدة نهايات، ومن المتوقع أن يكون هناك العديد من الخرائط لكل وظيفة، وتصبح هناك العشرات، بل والمئات من الخرائط لعائلة وظيفية واحدة (مثل عائلة الوظائف المالية).
التقاعد المبكر: في بعض الحالات يعتبر الموظفون الكبار، باعتبارهم يشغلون الوظائف العليا، عقبة في سبيل تقدم وترقي مرؤوسيهم، وبالتالي فتشجيع التقاعد (أو المعاش) المبكر يصبح حلًا لفتح الطريق أمام المرؤوسين.