المسؤولية الاجتماعية لمدير الموارد البشرية في المنظمة
في الفكـر الإداري المعاصر أعطي للنشاطـات الاجتماعية التي تقوم بها المنظمات أهمية بالغة، حيث أصبح عليها الأخذ بالحسبان تبني أخلاقيات الأعمال والمسؤولية الاجتماعية عند تعاملها مع بيئتها الداخلية والخارجية، وفي حالة انتهاكها للمعايير والضوابط الأخلاقية مهتمة في ذلك بمصلحتها الذاتية على حساب مصلحة المجتمع، فإنها تواجه بالنقد والإساءة ومعاقبتها قانونيا، وأحيانا خسارتها لحصتهـا السوقية، لأن كل منظمـــة لا تعمل من منطلق فلسفـة المسؤولية الاجتماعيـة والسلـوك الأخلاقي، تملك صورة سيئة في وسط البيئة المحيطة بها. وقد أصبح واضحاً للمنظمات أن الإخلال بالمسؤولية الاجتماعية والالتزامات في المجتمع يكلفها الكثير، فالمحاكم يمكن أن تجعل المنظمات المخلة بمسؤوليتها الاجتماعية تقدم تكاليف وتعويضات لم تكن في الحسبان وبشكل لا يقارن مع التكاليف التي تتحملها عند قيامها بالالتزامات الاجتماعية.
- تعريف المسؤولية الاجتماعية:
يعرفها (Pride& Ferrell) بأنها «التزام المنظمة المستمر بالسلوك الأخلاقي تجاه نوعية حياة العاملين وأسرهم، وكذا الالتزام تجاه المجتمع بشكل عام».
ويمكن تصنيف الأنشطة التي يقوم بها مدير الموارد البشرية وتأخذ طابع المسؤولية الاجتماعية تحت العناوين التالية:
- المسؤولية الاجتماعية في الاختيار:
والمقصود بذلك أن يتحرى مدير الموارد البشرية عن المرشحين للعمل جيداً ويتأكد من موافقة مؤهلاتهم لمتطلبات الوظيفة، وذلك بهدف التخفيف من الضرر المتوقع حال عدم المطابقة، وألا يميل لاختيار المرشحين وفقاً لمعايير لا ترتبط بالوظيفة (قرابة، معرفة سابقة، اتصال من جهات عليا...).
- المسؤولية الاجتماعية عن تعليم وتدريب العاملين:
المقصود هنا أن يتم مساعدة العاملين على صقل وتنمية مواهبهم لما فيه مصلحة لهم وللمنظمة، وبالتالي تعمد المنظمة إلى ترشيح العاملين للأنشطة التدريبية المختلفة التي تحسن قدراتهم المهنية، حتى لو لم يدرك العاملون أنفسهم أهمية ذلك.
- المسؤولية الاجتماعية عن تنميــة العلاقــــات مع العامليـن:
بما أن العامل يقضي جزء كبير من يومه في العمل مع آخرين، فإنه مضطر للتواصل والتعاطي معهم بشكل دائم، لذا فإن تنمية العلاقات الإيجابية بين العاملين يرفع بعضاً من عبء الوظيفة عن كاهل العامل ويخلق شعوراً بالراحة والدفء حين تكون العلاقة مع الآخرين جيدة والعكس صحيح. لذا يجب أن تشمل خطط إدارة الموارد البشرية برامج خاصة لتنمية العلاقات الاجتماعية مثل المشاركة في اتخاذ القرارات وتحسين مزايا العمل، والتسلية والأنشطة الترفيهية وغيرها.
- المسؤولية الاجتماعية عن تحقيق العدالة:
مهما كانت الظروف العملية مريحة ومربحة للعامل، فإن أدنى شعور بغياب العدالة في التعاطي مع العاملين، سوف يدفعه نحو سلوك غير مرغوب فيه، وسيخلق لديه دوافع سلبية تجاه الآخرين، لذا من مسؤولية إدارة الموارد البشرية المساهمة في تحقيق العدالة وعدم التمييز بين الأفراد المؤهلين لشغل الوظائف وفقا للنوع أو الدين أو اللون أو الأصول العرقية وغيرها، وإنما وفقاً لمعايير واضحة ومعلنة مرتبطة بالأداء والإنجاز.
- المسؤولية الاجتماعية عن توفير بيئة عمل آمنة:
ويتم ذلك من خلال التصرفات التي تجعل من بيئة العمل مكانا آمنا من المخاطر الصحية والمهنية بالإضافة إلى النظافة وتوفير سبل الراحة للعامل، حتى يتمكن من أداء وظيفته على أكمل وجه.
- المسؤولية الاجتماعية عن تعزيز حس المسؤولية لدى العاملين:
إن القيام بأنشطة تعكس الاهتمام بقضايا ومشكلات المجتمع مثل تقديم التبرعات والمشاركة في الأعمال الخيرية والمساهمة في الأنشطة المجتمعية دون مقابل يعزز روح المسؤولية لدى الفرد، وبالتالي يعزز روح التكافل والتعاون في المجتمع، وهذه من مسؤوليات مدير الموارد البشرية.
- المسؤولية الاجتماعية عن إيجاد التوازن لدى العاملين:
لا شك أنه كلما تقدمنا في الزمن زادت الضغوط والمتطلبات الإنتاجية وحجم الأداء المطلوب كماً ونوعاً، وهذا يفرض على رؤساء العمل، والعاملين تقديم جهود أكبر ولمدة أطول بهدف اللحاق بحركة السوق، وهذا يفرض على العاملين أحياناً تقديم وقت أطول في العمل على حساب الحياة الخاصة، وبالتالي يؤدي إلى عدم التوازن في الحياة الاجتماعية للعاملين، لذلك فإن أحد أدوار مدير الموارد البشرية التأكد من وجود التوازن المطلوب في حياة العاملين للحفاظ عليهم وحمايتهم.