حان الوقت لإعادة الإعتبار لوظيفة إدارة الموارد البشرية لفعالية مستدامة
وفقا لمقال ورد في مجلة (Harvard Business Review) المشهورة، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر في الطريقة والأسلوب الذي يتم التعامل فيه مع إدارة الموارد البشرية في المنظمات. هذه المقالة التي تلخص نتائج الابحاث حول إدارة الموارد البشرية والمسارات الوظيفية التي تؤدي إلى وظائف الإدارة العليا، تناقش أيضاً تطور وظائف التسويق والتمويل وادارة الموارد البشرية. وربما نقطة الاكتشاف الأكثر أهمية، تشير إلى الصعوبات التي يواجهها مديرو الموارد البشرية.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها البحث حول فعالية وتأثير وظيفة الموارد البشرية. وقد أشارت العديد من المجلات والصحف على مدى عقود إلى أن وظيفة ادارة الموارد البشرية هي وظيفة إدارية تضيف قيمة استراتيجية كبيرة. وقد اشار عدد من الباحثين إلى أن مدراء الموارد البشرية في كثير من الأحيان يشتبكون مع الآخرين في المنظمة بسبب عدم فهمهم الأعمال. وفي مقابلة لأحد الرؤساء التنفيذيين لإحدى الشركات الكبيرة، أفاد أن مدراء الموارد البشرية لديه جيّدون في تحديد ما لا يجب فعله، ولكنهم سيّؤون في تحديد ما يجب القيام به لجعل الشركة أكثر ربحية.
الظروف الحالية في سوق العمل، تفتح المجال أمام المتخصصين في إدارة الموارد البشرية ليصبحوا مساهمين حقيقيين في تطوير أداء المنظمات. حيث أن المنظمات في هذا العصر، تبحث عن كل ما يمكّنها من المنافسة، لذلك تعتمد على نحو متزايد على الرشاقة والمرونة في إدارة العاملين فيها، وهذا هو المجال الأهم الذي يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تكون محوراً أساسياً فيه. وهذا يخلق حاجة ماسّة لخبراء موهوبين في ادارة الموارد البشرية يفهمون استراتيجية العمل، ملمون بأنظمة إدارة المواهب والطاقات، وقادرون على استخدام المعطيات في التأثير على فعالية المنظمة. ولكن من أجل تحقيق ذلك، يجب أن يكون هناك إعادة تنظيم لآليات عمل ادارة الموارد البشرية، كما يجب على مدراء الموارد البشرية استقطاب واعداد أفراد من نفس المستوى من الكفاءة العملية كما هو الحال في وظائف أخرى على سبيل المثال: التسويق، التمويل وغيرها. وحتى يمكنهم القيام بذلك، يجب أن تكون الرواتب مشابهة لتلك التي في التمويل والتسويق وليس أقل منها كالتي يتم تقديمها حالياً، وهذا ما يخلق تحدياً أمامهم.
نقطة أخرى مهمة، وهي أن المسار الوظيفي في إدارة الموارد البشرية يميل إلى أن يكون مساراً واحداً ومقفلاً، حيث أن المتخصص فيها يتطوّر ويتنقل صعوداً في التسلسل الهرمي / التنظيمي داخل إدارات الموارد البشرية  ضمن وظائفها المتنوعة مثل: الرواتب والتعويضات، التدريب والتطوير، الإستقطاب والتوظيف، وغيرها، ولكن الفرد المميز والموهوب في إدارة الموارد البشرية لا يتم تدويره من إدارة الموارد البشرية إلى إدارات أخرى في المنظمة، ونادراً ما يصل لوظيفة مدير عام أو مدير تنفيذي، وهذا ما يخلق حاجزاً أمام رغبة الأفراد بالعمل في هذا التخصص.
إضافة لما ذكر، في الشركات والمنظمات النموذجية اليوم، ينفق المتخصصون في إدارة الموارد البشرية قدراً كبيراً من الوقت في مساعدة المدراء في جميع أنحاء المنظمة على إدارة موظفيهم، ولأن معظم المساعدة تأتي بشكل طلبات عاجلة وملحة، فإن هذا النوع من العمل يأتي على حساب وضع الاستراتيجيات وتحليل العمل وتحديد كيفية تطوير أداء المنظمة، وهذا تحدٍّ إضافي أيضاً.
وفي حين أن الاستخدام المتزايد لتكنولوجيا المعلومات ساعد قليلا في تقليل الوقت الذي يستغرقه العمل في معظم الإدارات، إلا أن إدارة الموارد البشرية لم يكن لها حظٌّ وافر من هذا  التطور، حيث أن معظم أنشطة إدارة الموارد البشرية من النوع الذي يتطلب إحتكاكاً بالأفراد من مقابلات ولقاءات وجلسات وغيرها، وهي أمور عادة نوعية أكثر منها رقمية، لذلك لا تساهم البرامج في تسريعها كما في باقي الوظائف.
أما فيما يتعلق بموقع إدارة الموارد البشرية، فهناك العديد من المنظمات التي لا تزال لا تؤمن بأن إدارة الموارد البشرية يجب أن تكون في موقع الشريك والمعاون اللصيق بالإدارة العامة؛ وهذا ما يساهم في تهميش دورها وإفقادها بعضاً من السلطة والقدرة على التأثير، لذلك توجد حاجة ملحة إلى تغيير الهيكل التنظيمي لتتمكن إدارة الموارد البشرية من الإطلاع بأدوار أكثر إستراتيجية مما هو متاح حالياً.
يمكن أن نستنتج مما سبق، أن النهج المتّبع حالياً في إدارة الموارد البشرية ضمن المنظمات لم يعد مناسباً نظراً للتحدّيات الجديدة أمام المنظمات، وينبغي أن تقسم إدارة الموارد البشرية فريقها إلى مجموعتين: واحدة تعالج الخدمات الإدارية الروتينية وتلك الداعمة للإدارات الأخرى التي تتطلب كثيراً من الوقت والجهد، في حين أن الثانية تتولى مهمة التخطيط الإستراتيجي لإستقطاب وإدارة الكفاءات التنظيمية وتصميم وتنظيم العمل لتحقيق فعالية عالية مستدامة في العمل. وينبغي أن يرأس المجموعة الثانية رئيس تنفيذي يتميز بالفعالية والكفاءة الإدارية، وأن يقدم تقاريره مباشرة إلى المدير العام

أضيف بتاريخ :2016/02/26

تعليقات الزوار
الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد